هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 كيف اتت الديموقراطية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Awarfie




ذكر عدد الرسائل : 84
تاريخ التسجيل : 11/06/2007

كيف اتت الديموقراطية Empty
مُساهمةموضوع: كيف اتت الديموقراطية   كيف اتت الديموقراطية Emptyالثلاثاء يوليو 17 2007, 17:57


كيف اتت الديموقراطية :


كنا صغارا ، في المرحلة الابتدائية ، عندما كنا نتحلق مساءا امام التلفاز ، نشاهد افلاما عن الهنود الحمر . و كنا نعجب من تلك الرقصات و الحركات البدائية ، التي كانوا يؤدونها حول نار ملتهبة . كانوا يصرخون باعلى اصواتهم ، صرخات متناغمة تعكس فنا و ايديولوجية الحرب ( كما فهمنا فيما بعد ) . كانوا يعتقدون ان في رقصاتهم تلك حول النار ، هم يخدمون آلهتهم و هي بدورها ستساعدهم و تنقذهم من عدوهم الابيض . كانوا يمارسون السحر ، و التعاويذ ، و يعلقون على رقابهم الريش ،او قطع الجلد التي يتباركون بها ! كانوا يحملون ايمانا كبيرا بانهم على صواب ، و انهم ارقى حضاريا من ذلك الدخيل الابيض الذي يهاجم تجمعاتهم و يقتل قطعان البوفالو التي عاشوا على لحومها و حليبها ، و استخدموا جلودها لقرون و قرون . و قامت الحرب بين الطرفين : الابيض الدخيل من ناحية ، و الهندي الاحمر من ناحية اخرى . و انتهت الحروب باستسلام الزعامات الهندية بعد ان لاحظوا ان شعوبهم مقبلة على انقراض سريع بسبب الحرب غير المتكافئة من حيث العدة و العدد و الاساليب ، و ان الابيض لا يختلف عن الهندي بلونه فحسب ، بل ان هناك فروقا كبيرة بينهما تؤهل الابيض لان ينتصر ، و هذا ما حصل .


تكررت الافلام ، و نحن صغار . و بين الفيلم و الفيلم ، كنا نصل الى قناعات و استنتاجات متزايدة ، عرفنا من خلالها ، ان أي شعب منغلق على نفسه ، ناظر الى نفسه على انه محمي من اله خارجي ، كما كان الهنود الحمر يؤمنون ، و ان عاداته و تقاليده هي الاسمى ، و ان الايمان وحده كاف لانقاذه في مجتمع دولي يعج بالتناقضات و الصراعات ، و التطور الحضاري الذي يسبقنا بخمسمئة سنة تقريبا ، فهذا الشعب لن يكتب له سوى الآلام ، و من ثم الاستسلام . او يتعرض للابادة من قبل خصومه . اذ لو لم يتكيف الهنود الحمر ، في أواخر ايامهم ، مع الدخيل الامريكي المتطور ببنادقه ضد اقواسهم ، و بتنظيماته و قلاعه ضد اكواخهم ، و باختراعاته ضد تعاويذهم و ايقوناتهم ، لما بقي هندي احمر نتعرف من خلاله على ذلك الجنس من البشر .

تتصف الشعوب البدائية بخضوعها للدين بشكل طقسي لا عقل فيه ، بل خضوع اعمى لهيمنة العرافين او السحرة او الشامان او الكاهن الاعظم او رجال الدين أو المؤسسة الدينية في عصرنا الحالي . و كلما كان الخضوع اكمل كلما كانت هناك قدرة على الصمود ، و يعود السبب في ذلك الى ان التجمعات البشرية القديمة لم تعرف العلم بمفهومه الحالي و المعاصر . بل كانت تحصل على المعارف من خلال ألسنة الاجداد و احاديثهم . و لهذا فقد وجدت في عقيدة تقديس الاجداد مكان لها في تلك المجتمعات البدائية . و بما أن المهارات و الخبرات كانت فردية ، و بما ان نقلها للاجيال كان بطيئا و غير منظم ، فقد تطورت الشعوب تطورا استغرق الآف السنين لنصل الى ما نحن عليه اليوم .

لم تكن هناك مدارس ، ولا صحافة ، و لا محطات فضائية ، يستقي منها الناس معارفهم ، لكن العراف او رجل الدين كان يشكل المصدر الاساسي للمعلومات في القبائل البدائية . و كان الدين بمثابة الوعاء الجامع لتاريخ تلك القبيلة و عاداتها و تعاليمها و مقدساتها بشل عام . لكن تطور العلوم الحرفية ادى الى تطور الادوات التي يستعملها الانسان في حياته . ومع الوقت نشات تجمعات المدن و تطورت الادوات لتصبح آلات صنعها مهندسون كانوا في الاصل حرفيين مهرة بارعين . مع ظهور الآلات بدا يتشكل مجتمع جديد . مجتمع بحاجة الى عمال ، مجتمع لا يجد عمالا من حوله بل فلاحين يعملون في اراض يملكها غيرهم . عمد المهندسون الى تعليم اولئك العمال على كيفية تشغيل تلك الآلات و العناية بها و العمل عليها لساعات طويلة في اليوم . و مع مرور الوقت كثرت الآلات و كثرت المعامل و كثر العمال . و أصبح أولئك العمال في معاملهم يشكلون تبعية كاملة لاصحاب المعامل . و بدا أصحاب المعامل بما يملكون من عمال يهددون سلطة الملك ، و معه رجال الدين الذين كانوا يساعدونه في التحكم بالشعب من حوله بما يناسب هواه و رغباته و طموحاته الشخصية . بدات الطبقة الجديدة ، طبقة مالكي المعامل بعمالها الكثر ، يشكلون لانفسهم نمطا جديدا من التصورات و المفاهيم و الافكار و المقولات التي كانت تختلف عما هو سائد من حولهم . فقد كانت مفاهيم الملك تخدم مصالحه ، و كان قوانينه تخدم مصالحه ، و كانت عاداته التي عود شعبه عليه مخصصة بما يخدم اهدافه في السيطرة و التمكن من السلطة جيلا بعد جيل . لكن اصحاب المعامل و العمال بدأوا يستخدمون مفاهيمهم الخاصة ، التي تخدم عملهم و تخدم تطلعاتهم و اهدافهم في سبيل التطور العام لمجتمعاتهم .

كان الملك يحكم بناءا على ايديولوجيا دينية . حيث يخوله الدين الحصول على سلطة مطلقة باسم الرب . سلطة تسمح له بان يحرك الجيوش لمجرد خلاف بينه و بين ملك آخر مجاور على قطعة أرض قد لا تزيد عن حجم قصر الملك . او بسبب كلمة سيئة نطق بها الملك الآخر بحقه ، او طمعا بالزواج من ابنة الملك الآخر كي يرثه بعد مماته . وما كان ملوك ذلك الزمان يعدمون الحجج التي تجعل نفوسهم تسول لهم حروبا و معارك ، طمعا في ملك غيرهم . ولم يكن مفتي الملك ، الا ككاتب يضع له الفتوى ، التي تجعل الناس تصدق بان الملك دوما على حق . لكن القوة الجديدة ، ملاك المعامل ووسائل الانتاج و من يمونوا عليهم ، من آلاف العمال ، بداوا يشكلون معارضة حقيقية للملك و اعماله و مواقفه و آراءه و طموحاته . و مع الزمن اصبح لهم مكان مناسب ، استطاعوا الحصول عليه بقوة الضرورة و حاجة الملك لمساعدتهم له ، الى يسار الملك حيث يجلس ، بينما كان رجال الدين يجلسون الى يمينه ، أي يمثلون دور يمينه عند الحاجة اليهم . و بدات القوة الجديدة ، اليسارية ، تطرح افكارا حول الحريات و الديموقراطية و تقييد حقوق الملك ، و تقليل هيمنته على السلطة ، و كل ذلك لمصلحة الشعب و مصلحة التطور في البلد . و هكذا ظهرت الديموقراطية لاول مرة في التاريخ اذ بدات القوة الجديدة عبر مثقفيها ، الواعين و المتفقهين في اسس القانون و تطوره ، تطرح فكرة التخلص من السلطة الملكية الوراثية ، و اقامة السلطة الجمهورية ، التي يحكم بموجبها الشعب نفسه ، عبر رئيس ينتخب لمدة محددة ، و يكون بمثابة خادم فعلي ، و موظف اعلى من بقية الموظفين لصالح شعبه ، وليس بحاكم بطاش و مستبد ديكتاتوري ، على عادة ملوك ذلك العصر . لقد كان لفصل السلطات دور كبير في نشوء الجمهوريات . فقد كان اول من نادى بالفصل ما بين السلطات الثلاث ( القضائية ، التشريعية ، و التنفيذية ) مفكرين و كتاب عظام سطر التاريخ اقوالهم بماء الذهب . و منهم جان جاك روسو ، فولتير ، ديدارو ، ومونتيسكيو و غيرهم . و اثبتوا ان فصل السلطات يمنع تغول اي سلطة على سلطة اخرى غيرها ،كما و يساهم باحقاق الديموقراطية . و هكذا ظهرت القوانين المكتوبة التي تنص صراحة على حماية حق الفرد ضد تغول السلطة . و حماية حق المجتمع ضد شذوذ الفرد . ولكن فصل تلك السلطات كان يعني ابعاد المؤسسة الدينية عن السلطة ، لانها كانت الرديف و اليمين الذي يعتمد عليه الملك . فانزاح الملك ، و انزاحت معه المؤسسة الدينية ، و اصبحت السيطرة فعليا لمؤسسة دولة الموظفين . و ليس دولة الحاكم المطلق الذي يستمد قوته من نصوص دينية و اقوال ماثورة و علماء دين يضللون الناس ، كي تبقى على خضوعها له و لنزواته و نزوات أسرته من بعده قرونا و قرون . و اصبح الدين ، ليس اكثر من ، قضية شخصية ، لا احد يمنعها عن الفرد ، بل لا يسمح للفرد ان يستخدم الدين ستارا للوصول الى السلطة ، و نشر دين ما و تضليل الناس للوصول الى منافع و اهداف شخصيةكيف اتت الديموقراطية Emo1DoNot .

تحياتي .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كيف اتت الديموقراطية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: حوار عام-
انتقل الى: