هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 الاسلام و العلمانية سؤال الذات

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
حسام




ذكر عدد الرسائل : 545
تاريخ التسجيل : 02/04/2007

الاسلام و العلمانية سؤال الذات Empty
مُساهمةموضوع: الاسلام و العلمانية سؤال الذات   الاسلام و العلمانية سؤال الذات Emptyالأحد أغسطس 19 2007, 03:05

بقلم عبد الاله اصباح



تندرج العلاقة بين الاسلام والعلمانية ضمن الاشكاليات التي واجهها ويواجهها الفكر العربي الحديث والمعاصر، باعتبارها احدي القضايا الرئيسية التي تجعل الاسلام يواجه ذاته من منطلق اخضاع ثوابته لسؤال النقد ومقتضيات التحليل والتفكيك. ولذلك فالاسلام هنا بقدر ما هو ذات جماعية تواجه تحدي المتغيرات والتطورات، بقدر ما هو ايضا موضوع لاسئلة هذه المتغيرات والتطورات ذاتها. غير ان الاسلام كذات جماعية لا تعني بالضرورة وحدة في الفهم والرؤية. فهذه الذات اخفت وتخفي في وحدتها الظاهرية انقساما وتعددا استعصي علي كل ارادة في التوحيد القسري منذ وفاة الرسول علي الاقل الي يومنا هذا، وهكذا تعددت اجوبة الاسلام دوما تجاه المتغيرات والتطورات علي الرغم من السعي الدائم الي تهميش او اقصاء مجموعة من هذه الاجوبة لصالح جواب واحد مرتبط بالجهة التي تحقق الانتصار في ميدان الصراع وتحتكر تمثيل الاسلام والنطق باسمه وباسم حقيقته، وهو ما ترتب عنه تضييق نطاق التنوع الي حد قتل الابداع لفائدة التقليد والاتباع. ولذلك فان طرح اشكال الاسلام والعلمانية، يستهدف كسر دائرة الجمود التي أعاقت وتعيق انبثاق اسئلة جديدة، وتروم النظر الي الاسلام من زاوية الحاجة الي تاهيل ذاتنا الجماعية لتكون قادرة علي التلاؤم مع مقتضيات ومنطق عصرنا الراهن، دون تنابذ او تنافر.
وهذا يعني جعل الاسلام يطرح علي ذاته الاسئلة الضرورية الكفيلة باحداث نقلة نوعية في النظر الي الذات والآخر، نقلة تتجاوز الاستكانة الي ما اصبح يشكل بديهيات بفعل عدم التعود علي التفكير من منظور مخالف. لقد استمر النظر الي الذات مرتهنا الي زاوية نظر واحدة اصبحت معها الحقيقة ذات بعد واحد ووحيد. صحيح انه علي طول التاريخ الاسلامي، كانت هناك محاولات جادة لارساء منطلقات مخالفة في التفكير، غير ان مآلها كان هو الانزواء، حتي كأنها لم توجد لعدم ممارستها اي تاثير في آليات انتاج الخطاب السائد حول حقيقة الذات وحقيقة الآخر. ولقد ازداد مجال التنميط والتقليد في انتاج الخطاب الاسلامي بالموازاة مع التدهور العام الذي اخذ يصيب جسد الامبراطورية الاسلامية، ولما بلغ هذا التدهور اوجه انغلقت آلية انتاج الفكر لتصبح مجرد تكرار وترديد لما انتجه السلف، والدوران في فلكه، مما ضخم في حجم الحواشي حول متن هو في الاصل ضحل وفقير. استمر النظر اذن الي الذات بوتيرة من الزهو والاطمئنان، الي ان اصطدمت بواقع جديد تمثل في التحول الثوري الذي طرأ علي الآخر، وجعله قادرا علي اقتحام قلاع هذه الذات وزلزلة كيانها، بفعل قوته ومنجزاته العلمية والحضارية. لقد استفاقت الذات اذن مبهورة ومصدومة من هول ما اكتشفته من حجم التغير والتحولات التي عرفها هذا الآخر، فوقفت علي حقيقتها المرعبة كذات بقيت محنطة في قوالب الثبات والجمود. وفي هذه اللحظة التاريخية، لحظة ادراك الفارق بين الانا والآخر، بدأ انتاج اسئلة جديدة انصبت اول ما انصبت علي تحديد معني الذات ومعني الآخر. وهكذا انصرف التفكير في الذات الي تحديد خصائصها وثوابتها، وكذا علائقها بمجموعة من المفاهيم والتصورات والقضايا التي ارتبطت بطبيعة الدولة والمجتمع، واستدعت سجالا ونقاشا في الاوساط الفكرية والثقافية من قبيل حرية المراة، الديمقراطية، العلمانية، التقدم... وغيرها من القضايا والاشكالات. ولا شك ان موضوع العلمانية هو الذي يحظي بنظرة خاصة مرتبطة بمجموع ما يوحي به ويحيل اليه. ولذلك اتسم النقاش حوله بالحدة والتوتر، وكثيرا ما ادي الي نوع من التشنج في العلاقة بين اطراف النخبة. ولا غرابة في ذلك، ما دام هذا المفهوم يحيل الي كثافة حضور الآخر الي درجة احساس جزء ممن يمثل الذات بانه مستهدف في كيانه وجوهره كلما استدعي هذا المفهوم الي دائرة السجال والمطارحة الفكرية. والحق ان مفهوم العلمانية يطرح امام الذات الاسلامية مجموعة من التحديات ذات العلاقة بتحديد مرجعية كيان الدولة الاسلامية، بمعني هل هذا الكيان استمد مقومات قيامه فعلا من النص القرآني، ام ان هذه المقومات ارتبطت بشروط سياق لحظة تاريخية هي التي تحكمت في تعيين وتحديد تلك المقومات. لا شك ان جوهر هذه الاسئلة يضع علي المحك طبيعة وحقيقة حقبة تاريخية بكاملها اعتبرت دوما علي ارتباط وثيق بحقيقة وجوهر الاسلام، وها هي مع سؤال العلمانية تجد نفسها اضحت موضوعا لمجموعة من الاستفهامات التي تزحزح وضعها المرجعي. استفهامات انصبت علي تعيين حدود علاقة هذه المرحلة بالاسلام من خلال سؤال جوهري، مؤداه: هل الاسلام دين ام دولة؟ ام انه يجمع في ذاته بين الامرين معا؟ ولا شك ان التنظير لما يسمي الخلافة الاسلامية ارتكز علي اثبات جانب الدولة في الاسلام، وضخم من حضور هذا الجانب، حتي اضحي التلازم بين الدولة والدعوة فيه امرا محسوما وغير قابل للنقاش، بل اصبح نقاشه محرما يعرض كل من تجرأ علي ذلك الي خطر التكفير والوصف بالردة والخروج عن الملة. وليس من الصعب ادراك الغاية من اضفاء الطابع الاسلامي علي جميع الدول والامارات التي تعاقدت علي الحكم طيلة الفترة التاريخية الممتدة من الخلفاء الراشدين الي انهيار الامبراطورية العثمانية. ذلك ان الاستناد الي الاسلام تحول الي آلية اساسية في الفكر السياسي المرتبط بهذه الفترة. واذا كان من الطبيعي ان نمط الحكم في جميع هذه الدول لم يكن ديمقراطيا اعتبارا للشروط التاريخية للمرحلة التي تجعل الديمقراطية تندرج ضمن اللامفكر فيه، فان طابع الاستبداد وسمة التيوقراطية كمعززة لهذا الطابع، اصبحت تجد لها سندا دوما في الارتباط بالاسلام. وقد تعزز هذا الربط بفعل تراكم مجموعة من الانتاجات المرتبطة بتراث الآداب السلطانية، وهي انتاجات استهدفت الدفاع عن الطابع التيوقراطي الاستبدادي لنمط الدولة الاسلامية. وكان اول ما اصطدمت به العلمانية هو ثقل حضور هذه الادبيات في العقل السياسي العربي، الامر الذي استدعي انجاز حفريات معرفية اساسية لإزاحة ما تراكم من طبقات هذا التراث الاستبدادي علي العقل العربي.
ومن هنا يتسم الدور الذي تقوم به العلمانية بطابعين اساسيين، ايديولوجي ومعرفي. الطابع الايديولوجي يتجلي في التبشير بنمط جديد للدولة، هو الدولة الديمقراطية التي ينتفي فيها الطابع التيوقراطي الاستبدادي الذي لزم ما يسمي بالدولة الاسلامية. اما الطابع المعرفي، وان كان لا ينفصل عن الطابع الاول الايديولوجي، فانه اتصف بسعيه تجديد البحث في تاريخ الاسلام انطلاقا من اسئلة جديدة، منطلقها مناهج البحث التاريخي التي لا تستكين الي ما تحول بفعل الهيمنة الايديولوجية الي حقيقة وبداهة غير قابلة للنقاش والمراجعة.
وهكذا تم اخضاع شخصيات واحداث تاريخية لمقتضيات البحث العلمي التاريخي، وتم تسليط اضواء كاشفة علي زوايا معتمة فيها، انكشفت علي حقائق جديدة او مغايرة تزيح ما ارتبط بها من طابع القداسة، لانها ظهرت بفعل ذلك البحث علي حقيقتها التي لا تعلو علي القوانين المتحكمة في البشر سواء كافراد او كجماعات، خاصة في لحظات انقسامهم وصراعهم علي النفوذ والسلطة. وكان الانكباب علي دراسة حروب الردة والفتنة الكبري يستهدف بالضبط ابراز ما تحكم فيها من دوافع سياسية تم تغليفها بطابع ديني لاخفاء تلك الدوافع، ولجعل التعبئة فيها تتم علي اساس الدين، بينما كان الصراع السياسي هو محركها الاول والاساسي.
لقد اخذت العلمانية علي عاتقها كاتجاه فكري، ان تحدد في هذه الاحداث الشروط والعوامل التي ادت الي ان يصطبغ الصراع السياسي دوما بالصبغة الدينية، الامر الذي جعل الدين يكتسي حضورا وازنا في الجهاز الايديولوجي للدول المتعاقبة، وفي البنية المتحكمة في انتاج الفكر السياسي لهذه المرحلة. لقد اظهرت العلمانية ان التلازم بين الديني والسياسي في الاسلام، تحكمت فيه شروط وملابسات تاريخية، وهو تلازم ليس بالضرورة مطابق لجوهر الاسلام، خاصة وان النص القرآني لم يرد فيه ما ينص علي ضرورة هذا التلازم، وبالضبط في الجانب المتعلق بطبيعة الدولة ونمطها. وهذا معناه ان الاسلام لم يكن في الاصل نظرية سياسية، وان السياسة وهواجس السلطة ارتبطت به واقحم في خضمها بعد وفاة الرسول، اي عند الشروع الفعلي في تاسيس دولة الخلافة. ولقد تكفل منظرو هذه الدولة فيما بعد ببناء نظرية سياسية ادعت ارتكازها علي الاسلام وثوابته، وأدت وظيفة التبرير الايديولوجي لهذه الدولة.
علي ان جهد العلمانية لم يقتصر فقط علي نقد وتحليل الشروط التي ادت الي اصطباغ الاسلام بالصبغة السياسية، بل انصرف نظرها ايضا الي فترة تبلور الدعوة الاسلامية في عهد الرسول (صلي الله عليه وسلم)، بتسليط الضوء علي طبيعة الصراعات التي خاضتها هذه الدعوة والآليات التي وظفتها لتكريس خطابها ومجابهة الخطابات السائدة آنذاك. ورغم حساسية هذه المرحلة وثقل وزنها الرمزي في الوعي الجمعي للمسلمين، فقد اخذت العلمانية علي عاتقها تحمل مسؤولية مقتضيات البحث العلمي في هذا المجال، وما يترتب عنه من تضحيات جسام هي الثمن الضروري الذي لا بد ان يؤديه كل باحث طرح اسئلة العقل علي مرحلة زاخرة بالقداسة. وهنا تتجاوز العلمانية مجرد كونها فصلا بين المجال الديني والمجال السياسي، لتصبح مرتبطة بسؤال مصدر المعرفة، اي تتجلي في العمق كموقف ابستيمولوجي قبل كل شيء، يربط المعرفة بمصدر وحيد هو العقل اولا واخيرا. واستنادا علي هذا العقل، اصبح مفهوم الاسلام ذاته موضع تساؤل من جديد يرمي الي مراجعة ما تراكم بصدده من مفاهيم وتصورات واخضاعها لمنظور الملاءمة والراهنية. بل ان النص القرآني اصبح هو ايضا موضوعا للتحليل والتفكيك واعادة البناء، بطرح مجموعة من الاسئلة المتعلقة بمفهومه كوحي، وربط هذا المفهوم بالشرط الثقافي العام الذي وسم مرحلة تأسسه، فضلا عن طرح اسئلة اخري متعلقة بترتيب آياته بناء علي مجموعة من المعايير كوحدة موضوع الآيات وتسلسلها التاريخي، وغير ذلك من الاعتبارات.
ومن البديهي القول بان العلمانية وهي تتوسل مقاربة جديدة للاسلام ولنصه التاسيسي، تحدث صدمة قوية في الوعي الجمعي، ولكنها صدمة ضرورية لا بد منها لكي يتعود هذا الوعي علي تقبل اسئلة جديدة، تجعله في مواجهة ذاته التي استكانت الي بديهيات اصبحت تشكل عائقا معرفيا امام انبثاق حقائق ومعارف اخري مواكبة لتطورات ومستجدات العصر.
والواقع انه لا سبيل الي اندراجنا فيما هو كوني، الا عندما يؤسس الاسلام علاقته بالمنجز الفكري والعلمي والحضاري للآخر، علي انه طموح ينبغي السعي اليه لكي يصبح جزءا من هويتنا الجماعية منسجمة تمام الانسجام مع كياننا كذات دون تشنج او توتر يجعلنا علي الهامش في هذه الحضارة وهذا العالم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الاسلام و العلمانية سؤال الذات
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: ايديولوجيات و اتجاهات فكرية-
انتقل الى: