ليس في وسعنا إنكار الخيانات السياسية العظيمة التي قام بها ملك الأردن السابق "الحسين بن طلال"، ولكن وفاته قد أوضحت لنا المعنى العبقري المتخفّي وراء المَثَل الشعبي القائِل: "ما بْتِعْرَف خيرو إلاّ لمّا تْجَرِّب غيرو". فالآن أصبحت الصورة أوضح بعد سنوات من حكم "الابن الضال".
لنترك السياسة على جنب لأن السياسة تبدو وكأنّها لعبة الهاشميين في الخيانة، ولكننا لو نظرنا اجتماعيًا إلى الصورة يمكننا رؤية المُفارقة التي جعلت الأردن يتميّز سلبيًا عن بقية الدول العربية. فالعرب خَوَن لا مجال للنقاش، ولكن الأردن مختلف اجتماعيًا الآن في ظل سياسات "الابن الضال".
ربما الخطأ ليس خطأه فإنه ابنٌ لأمٍّ بريطانية، أي أن لديه أخوال "خواجات" ويبدو أنه "مِخْوِل" كما يُقال في العاميّة. لذا فإن الفريسة الجديدة التي وجدها النظامُ العالمي الجديد فاكهةً شهيّة تُضاف إلى قائمة استغلالاته لم وسوف لن تواجه تلك الصعوبات الجسيمة، خاصةً وأنّ شعبَنا (ما شاءَ الله) مُستيقِظٌ جدًّا وواعٍ لقضاياه.
إن الحالة الاجتماعية في الأردن تُواجه أكبر خطر يمكن أن تواجهه أي حضارة. قد تُعتَبَر بعض الظواهر الاجتماعية البسيطة ذات الآثار الكبيرة مجرّد أمور سخيفة ليس لها أهمية ولا تستحقّ الذِّكر في إطار الانتقاد الاجتماعي ولكنّ تجنّب مِثْلَ هذه الظواهر هو على الأقل هامٌّ وضروريٌّ لحفاظ أي أُمّة أو حضارة على سماتها الخاصة كما أنّه أَحَد أدوات التصدّي للنظام الجديد أو العدوان بعبارة أخرى.
ظواهر ك :
ü أن تصبح اللغة الإنجليزية هي اللغة الأم في المملكة أو أن يصبح لها على الأقل الأولوية الأكبر على اللغة العربية وقواعدها.
فقدان العَلاقات الاجتماعية القديمة التي كانت تُميِّز حضارتنا، تلك العَلاقات الحميمة بين الناس والجيران. إنه من الصعب أن ينكر المرء تلاشي هذه العَلاقات أو على الأقل ضَعفها في المجتمع واستبدالها بعَلاقات مادية رأسمالية ومبدأ الفردية الذي بدأ بفكرة "الأردن أولاً" ومن ثم "السلط أولاً" والذي سينتهي قريبًا لمنحدر "أنا أوّلاً".
ويتبع...